الحسد من الخلق الذميمة التي نهى عنها الإسلام والذي يجب على الفرد التعامل معه بالطرق والأساليب المتاحة، ويعتبر القرآن الكريم والأحاديث النبوية من الوسائل الأساسية المتبعة للتغلب على الحسد.
وفي هذا المقال سنتعرف على الطرق المختلفة لمواجهة الحسد والحاسدين وكيفية التحصين من العين والشر، والأدلة القرآنية التي تشير إلى أهمية التحصين من الحسد لتجنب عواقبه النفسية والجسدية.

ما هو الحسد وكيف يراه الإسلام؟
الحسد هو تمني زوال نعمة شخص آخر حتى لا يمتلك شيء ليس لديك سواء شيء مادي أو نجاح أو صحة أو سعادة حتى إذا لم يرد الحاسد أن يمتلكها فهدفه فقط هو زوال النعمة.
يرى الإسلام الحسد على أنه من الخلق الذميمة المحرمة والتي نهانا رسول الله منها، (عن أنس ابن مالك رضى الله عنه يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) رواه مسلم.
ويعتبر الحسد في الإسلام شكل من أشكال السخط على قضاء الله وعدم الرضا في تقسيم الأرزاق والنعم، والحسد هو حقيقة مؤكدة بالقرآن والسنة وكافة الأديان ولكن يجب على الفرد أن يؤمن أن لن يقع نفع أو ضرر على أحد إلا بإذن الله، لذا علينا التوكل على الله والتحصن بذكر الله لنتجنب الحسد.
ما هي الأدلة القرآنية التي تحث على التحصين من الحسد؟
هناك الكثير من الأدلة القرآنية التي تؤكد حقيقة الحسد وتحث على التحصين من الحسد في آيات بينات ومنها:
- سورة البقرة: قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 109].
- سورة النساء: قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: 54].
- سورة الفتح: قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الفتح: 15].
- سورة الفلق: قال تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ [الفلق: 5].
- سورة القلم: قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ [القلم: 51، 52].
تؤكد جميع هذه الآيات وجود الحاسدين من الجن والأنس وأهمية التحصن من الحسد بذكر الله بشكل مستمر.
كيف يمكن للقرآن الكريم أن يساعد في التغلب على الحسد؟
التحصين بالقرآن الكريم من أهم الأساليب التي حسنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم للحماية من الحسد والعين وشرها وكذلك للعلاج من أعراض الحسد، ومن الضروري المواظبة والاستمرار على قراءة الأيات التي تحمي من الحسد لتحصين النفس من كل شر.
من آيات وسور التحصن من الحسد:
- المعوذتان: سورتي الفلق والناس عند قراءتهما 3 مرات يوميًا في صباحًا ومساءً والنفث في اليدين والمسح على الجسم كجزء من الرقية الشرعية للحماية من الحسد والسحر.
- آية الكرسي: من أعظم آيات القرآن الكريم التي تعمل على حماية النفس من شرور العين والحسد.
- خواتيم سورة البقرة: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قرأ الآيتين الأخريات من سورة البقرة كفتاه.
- سورة البقرة: قراءة سورة البقرة بشكل يومي يعمل على بث الطمأنينة والإيمان في النفس والتحصين ضد الحسد والعين.

ما هي الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الحسد وكيفية التعامل معه؟
هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الحسد وتنهى عنه وتوضح التأثير والضرر الذي قد يسببه على النفوس والإنسان ومن هذه الأحاديث ما يلي:
- قال رسول الله ﷺ: “إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب” رواه أبو داود، يؤكد هذا الحديث أن تأثير الحسد على الحاسد وأنه من الأمور ذميمة التي يجب عدم المساس بها.
- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “العين تُدْخِل الرجلَ القبرَ، وتُدْخِلُ الجَمَلَ القِدْرَ”، وينوه هذا الحديث على قوة تأثير الحسد على الإنسان والضرر الذي قد يوقعه بإذن الله.
- قول النبي ﷺ: “لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد”، يؤكد هذا الحديث أن الحسد يتعارض مع الإيمان وأنه من صور السخط على القضاء.
- قول رسول الله صلى الله عبيه وسلم: “العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين”، يدل الحديث عن قدرة العين والحسد من إيقاع الضرر بالإنسان ولكن كله بإذن الله.
كيفية التعامل مع الحسد
يجب تحصين النفس والجسد من شر الحسد والحاسدين وذلك من خلال:
- التعوذ بالله من الحسد والمواظبة على ذكر الله وقراءة الآيات القرآنية والرقية الشرعية التي تعمل على الحماية من شر العين.
- الانشغال بالنفس عن الناس والسيطرة على المشاعر السلبية والبغضاء تجاه الأشخاص لحماية الشخص أن يكون حاسد أو يتأثر بالحسد.
- عند رؤية النعمة على أخيك المسلم عليك ذكر الله والدعاء بالبركة والعلم أن تقسيم الأرزاق من عند الله ولن يفيد الحسد.
- عدم المبالغة في إظهار مواطن النعم أمام الناس لتجنب حدوث الحسد ولكن التحدث بالنعم بالقدر المعقول وليس إنكار وجودها خوفًا من الحسد.
ما هي الأدعية والأذكار التي يمكن قراءتها للتخلص من الحسد؟
من أهم الأساليب المستخدم في التخلص من الحسد وتأثيره هي قراءة الأدعية والأذكار باستمرار وبشكل يومي مما يعمل على تحصين النفس وتقويتها ضد الطاقة السلبية القادمة الحسد، كما تعمل على منح الشعور بالأمان والطمأنينة الداخلية.
أمثلة على الأدعية والأذكار للتخلص من الحسد:
- “أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة”
- “اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت”
- “أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأعوذ بك ربي أن يحضرون”
- “بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”
- الرقية الشرعية ودعائها “بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنٍ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ”
- أذكار الصباح والمساء اليومية.

هل هناك طرق أخرى شرعية في الإسلام تساعد على الحماية من الحسد؟
بجانب الطرق المذكورة من قراءة القرآن الكريم والأدعية والأذكار هناك بعض الطرق الأخرة التي تعمل على تقوية النفوس والجسد في مواجهة الحسد والتي نصت عليها السنة النبوية ومنها:
تناول تمر العجوة
يوجد العديد من الفوائد لتمر العجوة التي تعمل على تحسين الصحة والنفسية وطبقًا لما ورد في السنة النبوية أن تناول سبع تمرات بشكل يومي صباحًا يساعد في تحصين الجيد من أن يتأثر بالعين والحسد والطاقة السلبية الصادرة منه، ومن الأدلة على ذلك قول رسول الله ﷺ: “من تصبّح كل يوم سبع تمرات عجوة، لم يضرّه في ذلك اليوم سمّ ولا سحر”
هذا وبجانب فوائدة الصحية والغذائية التي تعمل على تقوية الجسد وإمداده بالطاقة وتقيه العديد من الأمراض حيث يعمل على تقوية المناعة تقوية صحة الجهاز الهضمي.
إخراج الصدقات
تعتبر الصدقة من أهم الوسائل التي تقي الإنسان شر البلايا والمصائب، التصدق بنية دفع البلاء يعمل على حماية النفس من الشرور كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة:
- قال رسول الله ﷺ “باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة”.
- “الصدقة تسد سبعين باباً من الشر”.