تعليم النطق للاطفال المتاخرين
للمساعدة في تطوير قدرات الأطفال الذين يواجهون تأخرًا في النطق، من المهم جدًا زيادة التواصل معهم. يمكن للوالدين والأقارب استخدام وسائل مبتكرة مثل الغناء أو القراءة لجذب انتباه الأطفال منذ الأيام الأولى لتعزيز قدراتهم اللغوية بطريقة مسلية وجذابة.
ينصح بأن يقوم الأهل بمحاكاة لحن وصوت الطفل عند التحدث معه لجعل الاتصال أكثر فعالية. يُفضل استخدام نبرة صوت مغايرة وأعلى قليلًا من المعتاد للفت انتباه الطفل، مما يسهل عليه التركيز أكثر على الكلام.
مهم أيضًا تحفيز الطفل لغويًا بزيادة تعقيد الجمل قليلًا عن المستوى الذي يتحدث به. إذا كان قادرًا على تكوين جمل من ثلاث كلمات، على سبيل المثال، يجب تشجيعه على فهم واستخدام جمل تحتوي على أربع كلمات، مع التأكيد على بساطة العبارات لسهولة فهمها.
التواصل اليومي المستمر مع الطفل ضروري أيضًا، ينبغي أن يشركه الأهل في الأنشطة اليومية مثل أوقات الوجبات، تغيير الملابس، أوقات الاستحمام، وحتى في الأنشطة البسيطة مثل فتح الباب، باستخدام جمل بسيطة ومفهومة تجعل الطفل يظل متيقظًا ومشاركًا طوال اليوم.
ما هو تأخر النطق
تأخر الكلام لدى الأطفال يعني أن الطفل يستغرق وقتًا أطول في تعلم الكلام واستخدامه بشكل صحيح مقارنة بالأطفال الآخرين في نفس العمر. يمكن ملاحظة أن الطفل يجد صعوبة في التعبير عن نفسه وقد يكون كلامه أقل وضوحًا وغنىً بالمفردات. هذا الوضع ليس نادرًا، إذ يصيب من 3% إلى 10% من الأطفال، وغالبًا ما يكون الأولاد أكثر تأثرًا من البنات بثلاثة أو أربعة أضعاف.
يصنف تأخر الكلام على أنه أحد اضطرابات التواصل. يتم تشخيصه إذا بدا الطفل متأخرًا في تحقيق مراحل تطور الكلام مقارنةً بأقرانه، مما يؤثر على قدرته على فهم الآخرين والتعبير عن أفكاره. في بعض الحالات، قد يكون تأخر الكلام مرتبطًا بمشاكل في السمع أو القدرات الإدراكية.
ما هي الأعراض المصاحبة للتأخر في الكلام
تختلف علامات تأخر النطق من طفل لآخر، وذلك يعتمد بشكل كبير على عمر الطفل. مع نمو الأطفال، يبدأون في تعلم كلمات جديدة وتكرارها. فمثلاً، ما يستطيع طفل في عمر سنتين قوله يختلف عن ما يستطيعه طفل في الثالثة من عمره. على الرغم من ذلك، يمكن تعريف بعض العلامات الشائعة التي تشير إلى تأخر في الكلام، ومنها:
أولاً، يقوم الطفل بتجاهل بعض الكلمات أثناء تكوين جملة وقد يواجه صعوبة في ترتيب الكلمات بشكل يشكل جملة مفهومة. ولذلك، قد يجد الطفل صعوبة في التعبير بجملة بسيطة تتألف من ثلاث كلمات حتى لو كان في الثالثة من عمره.
ثانياً، قد يجد الطفل صعوبة في نطق الكلمات بشكل صحيح أو في استخدام اللفظ المناسب لتعبير عما يريد.
ثالثاً، يصبح من الصعب على الطفل تنفيذ التعليمات أو اتباع الإرشادات المعطاة إليه.
أخيراً، يعتبر عدم القدرة على الكلام بحلول عمر السنتين أو عدم البدء بالثرثرة عند عمر 15 شهراً من العلامات التي قد تشير إلى تأخر في الكلام.
من المهم مراجعة الأخصائيين للحصول على تقييم شامل إذا لوحظت مثل هذه العلامات لضمان تقديم الدعم المناسب للطفل.
أسباب التأخر في الكلام عند الأطفال
يعاني العديد من الأطفال الصغار، وتحديداً ما بين 5 إلى 10 بالمئة منهم قبل دخولهم المدرسة، من تحديات في تطور الكلام واللغة. وفقاً لما وجدته جامعة ميشغن، من الضروري جداً أن تكون الأسرة على قدر من الوعي لمواجهة هذه الصعوبات بطريقة إيجابية وفعّالة، وذلك من خلال الكشف المبكر عن الحالة وطلب المشورة الطبية لتحديد خطة العلاج المناسبة. هناك عدة أسباب قد تكون وراء تأخر الكلام عند الأطفال:
– الإصابة بالتوحد أو الشلل الدماغي، وهي حالات تؤثر على التطور النفسي والحركي للطفل.
– مواجهة صعوبات في التعلم مثل مشاكل في القدرة على حساب الأرقام أو اضطرابات في معالجة المعلومات السمعية.
– تعرض الطفل لالتهابات الأذن المتكررة مما يسبب مشكلات في السمع.
– وجود مشاكل في اللسان أو سقف الحلق مما يجعل عملية النطق صعبة.
عند مراجعة الطبيب، سيقوم بإجراء فحوصات متعددة تشمل الكشف عن أنواع التواصل اللفظي وغير اللفظي، بالإضافة إلى فحوصات تحليلية لتعزيز التفاعل. هذا يساعد في تحديد الأسباب المحتملة لتأخر الكلام والتوجه نحو الخطوات المناسبة للعلاج، بما في ذلك إجراء فحوصات شاملة مثل فحوصات السمع التي قد تكشف عن مشكلات لم تكن معروفة للأسرة مسبقًا.
العلاج المناسب لتأخر الكلام
عند تحديد العلة الرئيسة وراء تأخر الكلام لدى الأطفال، يُنقل الطفل إلى مؤسسات متخصصة لتلقي العلاج المناسب. هذه المؤسسات قد تكون مراكز مُعالجة لمشكلات السمع، أو مراكز معنية بعلاج اضطرابات طيف التوحد، أو حتى مؤسسات مُختصة بعلاج المشاكل البدنية التي قد تؤثر على القدرة على النطق.
في هذه الأماكن، يُعرض الأطفال على برامج تأهيلية مُخصصة لمساعدتهم على تعلم الكلام بفعالية، حيث يُستمر بالعلاج حتى الوصول لمرحلة يُمكن فيها للطفل التفاعل بشكل طبيعي داخل محيطه الاجتماعي. يهدف هذا التدخل العلاجي لدمج الطفل بفاعلية في المجتمع، معززًا قدرته على التواصل بسلاسة مع الآخرين، ومُقللاً من فرص مواجهته لتحديات قد تعترض طريقه مستقبلاً.
كيف يتطور نطق الطفل؟
في الأشهر الأولى للطفل، يستخدم البكاء والصراخ للتعبير عن نفسه. مع تقدمه إلى الفترة ما بين الشهر الثالث والخامس، يبدأ بإصدار أصوات مثل “مو” و”يو” و”كا”، والتي تشير إلى انفعالاته المختلفة. بحلول الشهر السادس وحتى عامه الأول، يدخل الطفل مرحلة التقليد الصوتي أو المناغاة، التي يشاركها أطفال العالم بغض النظر عن لغتهم.
عند بلوغ عامين، يتطور الطفل ليستخدم كلمات معبرة ومفهومة بشكل أوضح. يظهر التقدم اللغوي بشكل ملحوظ، حيث يتمكن من نطق حوالي 50 كلمة عند عام ونصف، وتزداد قدرته الكلامية إلى 250 كلمة بعمر السنتين، وتصل إلى 450 كلمة بعمر ثلاث سنوات. في نهاية السنة الثالثة، يصبح قادرًا على تكوين جمل كاملة ومعبرة مثل “أريد أن أشرب”.
الفرق بين التأخر في الكلام وإعاقة التلعثم وعدم النطق
تعتبر مشكلة تأخر النمو اللغوي لدى الأطفال من القضايا الهامة التي تتطلب الانتباه. هذا التأخر يُظهر ضعفاً في قدرة الطفل على استيعاب واستخدام اللغة بشكل سليم. بحلول سن الثلاث سنوات، يُتوقع من الطفل السليم أن يكون قادراً على تمييز واستخدام حوالي ألف كلمة بجانب إمكانية تسمية الأشياء، ترديد الأغاني، التعرف على أسماء الأماكن، وحتى سرد القصص البسيطة التي تحوي من أربع إلى ست كلمات في جملة واحدة.
من جهة أخرى، يواجه بعض الأطفال تحديات إضافية كالتأتأة وصعوبات النطق، وهي مشاكل ناجمة عن اضطرابات في النمو العضوي أو العصبي، مما يعيق قدرتهم على التواصل بوضوح. تؤثر هذه المشكلات على ما يقرب من 5% من الأطفال. من المهم جداً للأهل ومقدمي الرعاية للطفل الاعتراف بهذه التحديات واستشارة الخبراء الطبيين لتحديد نوع الاضطراب والبدء في خطة العلاج المناسبة.